الاثنين، 29 نوفمبر 2010

أحلام يقظة


في إغماضة العين إرتجافة تسري في النفس، تنتقل عين الرؤية إلى عين الرؤيا فترى وتتبصر ما لا تبصره في اليقظة.
إرتجافة تسري في مسالك الروح، شاشة عريضة تأتلق بألوانها وتبني في الخيال ألعاب الطفولة وأحلامها.
أحلام اليقظة خدر تحتاجه الروح حتى تسلم من كمائنها، ملاذ للطفولة التي لا تبارح اصحابها، يذهبون في شيخوختهم وهم رهن طفولات تركوها في الملاعب مجبرين لأنهم كبروا في نظر العالم الذي لا يحتمل الطفولة  ولا يستجيب لألعابها.
للحلم طرقه الكثيرة، دروبه التي تتفرع إلى ما لانهاية.. تجتاز الحدود والجغرافيا لتقتلع الخرائط وترسم في غفلة العالم ألوان حضورها.
الحالم يمسك الكون بأصابعه وفي غمضة عين يضع الكون بين الجفن وبؤبؤه، يصير طفلا كبيرا في استرجاع مشاوير ذاكرته، ويـتألق فيما يريد أن ينال من متعة، يغفل الأذى ويسبح في موج رقيق.
وكما الحياة يعترك الحالمون ويختلفون، الحالم الجميل يذهب نحو جمال العالم فيزيده تدفقا وفرحا، فيما يلجأ الحالم القاسي في قسوته إلى ما لا يتخيله بشر.
لسنا سواسية في أحلامنا، فالقاتل لا يحلم مثلما يحلم المقتول، والحاكم لا يحلم مثل المحكوم والأم لا تحلم مثل الأب كما لا يحلم الفقير مثل الغني، يختار كل منا حلمه كما يشاء قلبه، ويذهب في دروب يقظته وعلى كتفيه ما نالته روحه من متعة الحلم، يقطف ويقطف ويجتاز الحدائق والأسوار، لكنه في النهاية سيحلم تماما مثل شخصيته في الحياة، حتى لو اعاد ابتكار شخصه في الحلم سيظل يؤطر شخصيته الجديدة بمفاهيمه هو، فالانسان في أحلام اليقظة يحلم بعقله وخياله معا.
الحلم يفكر تماما مثلما يفكر صاحبه، والحلم يحقق الطموح ويرضي العقل الباطن بما استطاع أن يصل إليه، لكن كل هذا يصير هباء إذ يفتح الحالم عينيه ويطابق بضوئهما ضوء الشمس، حينها سيعود رهن لحظته، سيعود إلى ما كان عليه قبل أن يرحل بعيدا عن الواقع، سيعود لضراوة الحياة وتعسفها، لكنه يعود متخففا لأنه استطاع أن يعايش ما أراد في عالم نسجه في داخله، عالم ملفت لأنه من صنع أصابع الحالم نفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق