الاثنين، 29 نوفمبر 2010

على شرفة البيت ننتظر

 محمود درويش.. الشاعر الأجمل من الشعر.. الأوسع قامة.. الشاعر الذي أقام في جلد قصائدنا وآويناه رغباتنا التي تتوق دائما للقصيدة الأجمل..
هل أصدق أنك رحلت؟
كيف بوسع السماء أن تحتضن موتا عاليا كموتك
كيف بوسع الشجر
كيف بوسع القدر؟
منذ أسبوع واحد كانت ضحكتك على الهاتف من فلسطين التي أحببت.. قلت لك: كيف بوسعي أن أطمئن عليك؟ قلت لي: هاتفي معي اتصلي بي وسأرد... لحظة قالوا أنك رحلت.. اتصلت لم أصدق.. قلت أنك سترد.. لم تف بوعدك لي.. لم تف لآلاف ممن أنتظروا عودتك.. لم تفِ لمئات الآلاف ممن لن يملوا انتظارك ...لم تفِ بوعدك.. كم كنت قاسيا لحظة رحيلك..
محمود درويش.. كنت أنتظرك على شرفة البيت في بيروت مقابل جامعة بيروت العربية.. كان عمري 15 سنة.. وكان صوتك يأتيني من مكبرات الصوت.. كبرت على صوتك في أذنيّ.. وكبرت على قصيدتك التي كانت تكبر بي..
يأخذ الله أنفاس الشعراء بعد أن يكتبوا رسائلهم التي منحها.. يأخذ أنفاسهم ليوسّع السماء التي من دخان وموت.. يأخذها بعد أن يقولوا كل شيء.. لكنك لم تقل بعد الأشياء كلها.. لم تقل بعد.. منحتنا الكثير.. غير أن في ضوء روحك الأكثر ما زال ينتظر وينتظر..
هل أصدق خبر رحيلك.!! هل أصدق أن الموت أحبك فأخذك.. أن السماء غارت من زرقتك فآوتك زرقتها.. أن الموج تعطش إلى ماء كلماتك فاستنجد بك..
هل من كلام يستطيع أن يضاهي لحظة غيابك؟ هل من كلام بوسعه أن يقول أكثر مما قلته برحيلك؟ هل من موت بوسعه أن يضاهيك؟
محمود درويش.. في يوم كهذا ترتعش الأصابع وهي تكتب اسمك..
أنت الذي قلت: "إذا متّ قبلك، فادرأ عني الكلمات المعلبة التي انقضت صلاحيتها منذ وقف خطيب على منبر، واذرأ الأرض التي أنام قربها لعلّ عشبة تدلُّك على أن الموت فلاحة من نوع آخر"
أستعير كلماتك.. روحك لأقول:
"نمْ هادئا،
سوف أحرس حُلمك،
وحدي ووحدك في هذه الساعة
الأرض عالية
كالخواطر عالية
والسماء مجازية كالقصيدة
زرقاء، خضراء، بيضاء،
بيضاء، بيضاء، بيضاء"
نمْ هادئا.. لسوف نحرس حلمك... وسامح الكلمات وصدقنا إذ نقسم أنها ليست معلبة.. وليس بوسعها أن تداني حضور كلماتك فينا..
إذن سامحنا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق