الاثنين، 29 نوفمبر 2010

عن الألم


تنتابني نوبات من الصداع النصفي التي تؤجل كل شيء في حياتي، فجأة تبدأ هجومها فتقسمني إلى إثنتين واحدة يفتك بها ألم يشتدّ وأخرى تحاول أن تؤاسي شقيقتها فتفشل..
ألم يحفر في الجبين كأنما يمسك بإزميل حاد، يذهب إلى حافة العين فيوترها ويرخي بظلال قسوته عليها فلا تعود ترى إلا عتمة مشوبة بالرمادي الغائم.
في نوبات الصداع النصفي أصبح مثل عود قصب مائل يتمايل أمام كل نسمة من هبوب خفيف، وتيرة واحدة تمتد من العين اليسرى لتضني الجانب الأيسر من الرأس وتلتف الى الرقبة..
ألم لا يعرف إلا أن يصبح متوازيا في خطوته، يميل ليعتدل، يتسارع ليقلق ويعود إلى بطئ خفيف ينذر بنوبة عاجلة.
الشقيقة تؤلم شقيقتها الأخرى، تلك التي على اليمين، لا تعرف كيف تمد لها يدها ولكنها تشفق عليها، تمسح على جبينها الذي يغور بحفرة تزرع أخدودها في مكان الألم.
يوم وراء يوم يجتاح الصداع النصفي حافة الرأس.. يقاوم النوم باستبسال ويزرع شحوبه في الوجه والعينين.. تفشل معه الأقراص المسكنة، يقاومها تماما مثلما يقاوم إغماضة العين ..
هذا الألم له يد تشدّ، تأخذ النصف الذي أحبَّ إلى حافته، تناديه بصوت هامس فتشعل فيه أرقه،  تؤجج هدأته بسخونة تلفه.
الاستسلام للألم يصبح سيدا، يجول في ثنايا الرأس، يحاول أن يكمم مقاومته، يشعل فجواته في الذاكرة فلا تعود تتذكر شيئا.
ألم يقسمنا إلى إثنين، يباغت الجسد في وحدته فيقصمه يعجل بتفتيته، ألم غريب ينمّل الأطراف.. يخدرها ويعاودها في ضجيجه الذي بلا صوت..
الألم الذي لا يوزع مساره بعدل.. يترك نصفا ليرتاح ويشعل النصف الآخر، لا يبدل جغرافية غزواته، يظلّ عند الجانب الأضعف ينتابه ويوسّع مساره.. لا يقترب أبدا من النصف الآخر... يظلّ ينظره ...
النصف الآخر يبتعد.. يريد أن ينام..
نصفان
ولا اكتمال لموسيقى بنصف سلمها
نصفان ضاحك وباك..
أنتصف.. وأتوزع عليّ..
وإذ أكتب.. أغفو فوق أوراقي.. ولا أدرك أبدا ما كتبته أصابعي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق